السياسة البريطانية تجاه الدولة العثمانية 1798 – 1914 - دراسة تاريخية

المؤلفون

  • أ.د. سلام محمد علي حمزة الأسديّ

الملخص

تبنت بريطانيا سياسية المحافظة على سلامة الدولة العثمانية منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي، لضمان مصالحها الاقتصادية فيها، وللوقوف أمام التطلعات الروسية المبكرة للوصول الى المياه الدافئة في "الخليج العربي" والبحر الابيض المتوسط، فعقدت مع الدولة الثمانية إتفاقية " الامتيازات الاجنبية " سنة 1580م  والتي حصلت عليها فرنسا سنة ١٥٣٦م. وقد تصدت بريطانيا لحملة نابليون على مصر وإحتلاله لها سنة ١٧٩٨ ، وعدّت ذلك تهديدا لمصالحها الحيوية في المنطقة العربية والهند، حيث شاركت بالقتال الى جانب الدولة العثمانية لإجبار فرنسا على الانسحاب من مصر سنة ١٨0١ بعد توقيع معاهدة العريش معها سنة ١٨٠٠م .

وقفت بريطانيا الى جانب محمد علي باشا  في الصراعات الداخلية التي شهدتها مصر في أعقاب الانسحاب الفرنسي منها ، وسعيه لإقامة حكم شبه مستقل عن الدولة العثمانية، إلا إنها عارضت طموحاته في إقامة دولة عصرية وقوية حديثة في مصر، وتصدت لتوسعاته في بلاد الشام والجزيرة العربية، ولمفاوضاته مع فرنسا سنة1829  بخصوص السماح له للسيطرة على ولاية طرابلس الغرب وتونس والمغرب، مقابل عدم معارضته إحتلال الجزائر سنة ١٨٣٠، فأجبرته على توقيع معاهدة لندن سنة ١٨٤٠ التي تضمنت إنسحابه من بلاد الشام والاكتفاء بحكم وراثي له ولأبنائه من بعده على مصر بعد قيادتها  " للتحالف الدولي " المكون من  " بريطانيا وفرنسا و سردينیا والدولة العثمانية " . و ساندت بريطانيا الدولة العثمانية ضد روسيا القيصرية في حرب القرم ( ١٨٥٣ - ١٨٥٦) وإجبارها على عقد معاهدة باريس سنة ١٨٥٦م.

وزادت بريطانيا من تدخلها في شؤون مصر الداخلية بعد إفتتاح قناة السويس سنة ١٨٦٩م ، لأهميتها الكبيرة للتجارة العالمية، وفشل السياسة المالية والاقتصادية للخديوي إسماعيل باشا ١٨٦٣ - ١٨٧٩ لاقتراضه المبالغ الطائلة لتغطية نفقاته الشخصية ومراسم الاحتفال بافتتاح قناة السويس  من البنوك الاجنبية البريطانية والفرنسية ، وعجزه على الايفاء بسداد تلك الديون إعتباراً من سنة ١٨٧٦  , طالبت الحكومتان البريطانية والفرنسية بالأشراف على الاقتصاد المصري بحجة المساعدة على انعاش الاقتصاد المصري لسداد ديونها ، بل إنهما شاركتا في الحكومة المصرية بعد عزل الخديوي إسماعيل باشا

 

 

والمجيء بانه توفیق باشا (۱۸۷۹-۱۸۹۲) . وانتهت تلك التدخلات الاجنبية بقيام ثورة أحمد عرابي ضد الوجود البريطاني في مصر وتشكيل حكومة مصرية وطنية بزعامة محمود ساجي البارود وتعيين أحمد عرابي وزيراً للحربية فيها، إلا إن بريطانيا تدخلت الى جانب الخديوي توفيق ( ۱۸۷۹-۱۸۹۲) م في صراعه مع القوى الوطنية، فقصفت السفن البريطانية ميناء الاسكندرية في ١١ تموز ١٨٨2 ، وزحفت قواتها لاحتلال القاهرة في ١٢ أيلول 1882.

ووظفت بريطانيا دعوات الاصلاح العثمانية على النمط الاوربي وما أحدثته من إنقسامات واضحة داخل المجتمع العثماني، وخاصة من المعارضين لها من علماء الدين الذين " كفّروا " السلطان العثماني محمود الثاني (۱۸۰۸ - ۱۸3۹) ، وما صاحب ذلك من تداعيات على مركز الخلافة الديني , ومن الناحية السياسية لأهم المرتكزات الاساسية لبناء الدولة باعتبارها " دولة اسلامية  " . ومطالبة الاصلاحيين بالمساواة بين المسلمين وغير المسلمين وضرورة اشغالهم للمراكز للحساسة بالدولة. ومن الناحية الاقتصادية  تترتب عليه حرمان الدولة العثمانية من أهم مواردها الاقتصادية ممثلة بفرض " الجزية " وبعض الضرائب المهمة على غير المسلمين. وهكذا جاءت الحرب العالمية الاولى ١٩١٤ - ١٩١٨ التشكل الفرصة المنافسة لبريطانيا بازالة الدولة العثمانية من الوجود بعد عقدها للاتفاقيات الاستعمارية سنة1916 مع فرنسا لاقتسامها بعد الحرب .

التنزيلات

منشور

2025-01-22

إصدار

القسم

Articles